رئيس التحرير هيثم سليمان مدير التحرير محمد سليمان

اعلان جانبي  يسار
اعلان جانبي يمين

تغيّر جذري في موقف الصحافة الفرنسية من الحرب على غزة

لم يكن الموقف الفرنسي الرسمي وحده الذي شهد تحوّلاً كبيراً في الحرب الدائرة في قطاع غزة الفلسطيني من تأييد شبه تام لإسرائيل إلى موقف متوازن بين طرفي الصراع، وصولاً إلى الدعوة الصريحة لوقف إطلاق النار، إذ شهدت الصحافة الفرنسية كذلك تغيّراً جذرياً في طريقة التعاطي مع الأحداث الدائرة، بما في ذلك أكثر وسائل الإعلام ذات التوجّه المُتشدد، مؤكدة أن إسرائيل في طريقها إلى خسارة معركة مستشفى الشفاء سياسياً حتى لو انتصرت عسكرياً.

صحيفة “لو بنيون” رأت بشكل صريح ومباشر، أن العملية العسكرية الإسرائيلية في مستشفى الشفاء بغزة هي إخفاق استخباراتي، مُشيرة إلى أن أدّلة الجيش الإسرائيلي لا تُثبت بعد استخدام المنشأة الطبية الفلسطينية كموقع عسكري لحركة حماس، وذلك رغم إعلان العثور عن جثتي رهينتين إسرائيليتين تمّ اختطافهما في يوم 7 أكتوبر ، واكتشاف مخبأ يُؤدي إلى نفق تستخدمه الحركة. وذكرت اليومية الفرنسية، أنه لا يُمكن استبعاد أنّ مستشفى الشفاء كان موقعاً استراتيجياً لحماس خلال حرب 2014، لكن الأمر لم يعد كذلك اليوم. وتسألت “هل الهجوم على مستشفى الشفاء كان خطأ كبيراً من قبل المخابرات العسكرية الإسرائيلية”. ولم تستبعد “لو بينيون” أن تكون هذه عملية تضليلية من قبل حماس تهدف إلى الضغط على الجيش الإسرائيلي في وسائل الإعلام وتحريض الرأي العام ضدّه.

هزيمة إعلامية

من جهتها يومية “لو فيغارو”، والتي كانت تتجاهل في البداية ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة، بدأت مؤخراً تُبدّل من أسلوبها، وخصوصاً بعد العملية الإسرائيلية ضدّ مستشفى الشفاء، والتي تحدّثت عن مخاطرها على الطرفين على حدّ سواء، ورأت أن إسرائيل تُكافح لمُحاولة إقناع الرأي العام الداخلي والخارجي بأن حربها مُوجّهة ضدّ حركة حماس فقط وليس ضدّ الشعب الفلسطيني في غزة. لذا فإن إسرائيل، بحسب الصحيفة الفرنسية، تسعى جاهدة للعثور على أي أدلة دامغة تُثبت بأن حركة حماس كانت تتخذ من المستشفيات مقرّات عسكرية لها، وفي حال فشلها فهذا يعني الإضرار بشرعية الدفاع عن النفس في ظل الكارثة الإنسانية في غزة، وهو ما يستدعي بالتالي جهوداً ثقيلة لتلميع الصورة ومحو ذكرى الضحايا. ورغم ما نشرته إسرائيل من صور أولى تقول إنها تُبثت الدور العسكري لمستشفى الشفاء وحقيقة اتهاماتها، إلا أنّ “لو فيغارو” ترى أنّ ما تم نشره لغاية اليوم لا يرقى إلى مستوى الادّعاءات والمخاطر ولا يُقدم دليلاً حول اتهامات إسرائيل.
مجلة “لكسبريس” كانت أكثر وضوحاً ومباشرة ودعت إلى التوقف الفوري عن قصف المدنيين في غزة، وقالت في افتتاحية لها، إن الضغوط الدولية على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار تتزايد، وإنّ استراتيجيتها  العسكرية باتت تُثير التساؤلات. وأشارت المجلة إلى أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو من الزعماء الغربيين القليلين الذين دعوا الى تجنّب قصف المدنيين. 

“مقبرة أطفال”

وحذّرت الافتتاحية من ترسيخ فكرة تحوّل غزة إلى “مقبرة للأطفال” في حال لم تتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل بهدف وضع حدّ لعمليات القصف على السكان المدنيين، وهي ترى كذلك أنّ استراتيجية إسرائيل في القضاء على حركة حماس العسكرية تبدو غير واقعية.
“اللو موند” التي كانت أكثر توازناً منذ بداية الحرب بين حماس وإسرائيل، نقلت قصصاً مأساوية للفرنسيين والفلسطينيين الذين تمّ إجلاؤهم من قطاع غزة، والذين قالوا للصحيفة “كنا ننتظر الموت طوال الوقت”. وبحسب وزارة الخارجية الفرنسية، تمكّن 115 فرنسياً كانوا في غزة من الوصول إلى فرنسا. والآن أصبحوا آمنين، لكنّهم ما زالوا يشعرون بالقلق بشأن أحبائهم الذين تركوهم وراءهم في ظلّ القصف الإسرائيلي المتواصل ضدّ المدنيين. أخيراً تتحدّث “ليبراسيون” عن أنّ الحرب في غزة تُثير خلافات عامة في جميع أنحاء العالم، ومظاهرات في الشوارع وتوترات سياسية لا مثيل لها ومُتناقضة في كل بلد على حدى. وترى الصحيفة أنّ هذا لا يعود تاريخه إلى المواجهة الحالية التي بدأت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي لا يُفسّر عنفها الشديد وحده حجم وكثافة ردود الفعل التي تُؤيّد أو تُدين كلّ طرف، وبحيث يُمكن أن يُطلق عليها مُسمّى “الحرب المعولمة”، بل إنّ ما تُسمّيه الصحافة “الحرب بين حماس وإسرائيل” يُنظر إليه على نطاق واسع، في كافة أنحاء العالم، باعتباره صراعاً دولياً.

اترك تعليقا