رئيس التحرير هيثم سليمان مدير التحرير محمد سليمان

بـ39 مليار دولار.. صفقة ضخمة لعمالقة التعدين ستغير شكل الصناعة عالمياً

تدرس شركة “أنغلو أميركان” (Anglo American) عرض استحواذ محتملا عليها، بقيمة 39 مليار دولار، يمكن أن يعيد تشكيل صناعة التعدين العالمية.

في وقت متأخر من يوم الأربعاء قالت “أنغلو”، إنها تلقت عرض استحواذ من منافستها القديمة العملاقة “بي إتش بي” (BHP)، وستكون الصفقة، في حال تمت، الأكبر في صناعة التعدين منذ سنوات.

قالت “بي إتش بي” إن عرضها المقدر بحوالي 38.8 مليار دولار، مشروط بفصل “أنغلو أميركان” لحصصها في وحدتين مدرجتين في جنوب إفريقيا.

من جانبها ردت “أنغلو أميركان” بأنها تجري مراجعة للعرض، الذي وصفته بأنه غير مرغوب فيه، وغير ملزم ومشروط للغاية. ويتوقع المشاركون في الصناعة، حرب مزايدة وممارسة ضغوط على “بي.إتش.بي” للحصول على سعر أعلى.

وأمام “بي.إتش.بي” مهلة حتى 22 مايو لتقديم عرض مؤكد، على الرغم من إمكانية تمديد الموعد النهائي.

إلى ذلك ارتفعت أسهم “أنغلو أميركان” بأكثر من 13%، بسبب أخبار الصفقة في تداولات لندن، بينما تراجعت أسهم “بي إتش بي” بنحو 3%.

وبشكل منفصل، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، يوم الخميس، أن “أنغلو أميركان” تدرس بيع وحدة الماس التابعة لها في “دي بيرس”، والتي تقدر قيمتها بأكثر من 7 مليارات دولار.

أهمية النحاس

يعكس الارتباط بين “بي إتش بي” و”أنغلو أميركان” المدرجة في لندن، الأهمية المتزايدة للنحاس، وهو معدن ضروري لمنتجات الطاقة النظيفة، في قطاع يعتمد منذ فترة طويلة على التصنيع الصيني لتعزيز الأرباح.

ويمثل النحاس نحو 30% من إنتاج شركة “أنغلو”، في حين تمتلك شركة “بي إتش بي”، حصة أغلبية في “إسكونديدا” في تشيلي، وهو أكبر منجم للنحاس في العالم، من بين أصولها. واشترت “بي إتش بي” شركة تعدين النحاس والذهب الأسترالية “أو زد ماينرالز”، مقابل 6.34 مليار دولار في مايو من العام الماضي، وهو ما يمثل أكبر استحواذ لها منذ عام 2011.

في حين ارتفعت أسعار النحاس بنحو 15% حتى الآن هذا العام، ما يعكس التوقعات بأن الطلب على المعدن، سيرتفع مع قيام العالم بإزالة الكربون وتقييد العرض. كما تستخدم السيارات الكهربائية ومزارع الرياح النحاس، بكميات أكبر بكثير من السيارات، التي تعمل بالبنزين ومحطات الطاقة التي تعمل بالفحم.

ومن شأن الاستحواذ على “أنغلو أميركان”، أن يؤدي أيضاً إلى توسيع أعمال “بي إتش بي” في خام الحديد، والذي يولد معظم أرباحها.

يقول بعض المحللين إن “بي إتش بي” تتصرف بطريقة انتهازية، فقبل افتتاح الأسواق يوم الخميس، انخفضت أسهم “أنغلو” بنسبة 47% منذ أبريل 2022 حيث أدى ضعف أسعار السلع، بما في ذلك الماس والنيكل والبلاتين، وبعض انخفاض قيمة الأصول الكبيرة، إلى تراجع حاد في أرباح الشركة لعام 2023.

وفي ديسمبر، قالت “أنغلو” إنها ستحاول خفض التكاليف بقيمة مليار دولار هذا العام، وهو ما يعادل ضعف الهدف السابق. في ذلك الوقت، سأل بعض المحللين المديرين التنفيذيين، عما إذا كان ينبغي عليهم النظر في بيع الأصول كجزء من خطة التحول.

تقول مذكرة بحثة لمحللي “كريدي ساستيس” وين لي ومايكل أوبراين، إنه من المحتمل أن يغري انخفاض أسهم “أنغلو”، شركة “بي إتش بي”، “من وجهة نظر استراتيجية، الأكبر هو الأفضل دائماً في قطاع المعادن والتعدين”.

تقدر “أنغلو” قيمة “دي بيرس” بنحو 7.6 مليار دولار، في حين تتراوح تقديرات المحللين بين أكثر من 600 مليون دولار، إلى 4 مليارات دولار، وتصعب عملية تقييمها، لأنه لا يوجد الكثير من الشركات مثلها.

تأسست “دي بيرس” على يد مجموعة تضم سيسيل رودس في عام 1888، وحتى الثمانينيات، كانت الشركة تسيطر على أكثر من 80% من إمدادات الماس في العالم.

وتنتج “دي بيرس” وشركاؤها نحو ثلث الماس الخام في العالم، من حيث القيمة، وفقاً لموقعها على الإنترنت، وتمتلك “أنغلو” 85% من “دي بيرس”، بينما تمتلك حكومة بوتسوانا الـ15% الأخرى.

وقالت “أنغلو” هذا الأسبوع إن إنتاج الماس الخام انخفض بنسبة 23% في الربع الأول، وخفضت توجيهات الإنتاج هذا العام إلى ما بين 26 مليونا و29 مليون قيراط، بانخفاض من 29 مليوناً إلى 32 مليون قيراط.

يعتبر عرض “بي إتش بي” لشراء “أنغلو أميركان”، رهاناً على أن المستثمرين في شركات التعدين العالمية، يستعدون لعصر جديد من الصفقات الضخمة، بعد أن أدت عدة عمليات استحواذ كبيرة في توقيت غير مناسب، قبل أكثر من عقد من الزمن، إلى عمليات شطب ضخمة وكلفت بعض المسؤولين التنفيذيين وظائفهم. وكان التصنيع في الصين سبباً في رفع التوقعات، بحدوث طفرة طويلة الأمد في أسعار السلع الأساسية، والتي انخفضت في وقت لاحق بشكل حاد، مع تسابق شركات التعدين لإضافة المعروض.

وكانت “بي إتش بي” في قلب تلك الفترة من عقد الصفقات، حيث فشلت العروض المقدمة لشراء شركتي “ريو تينتو” و”بوتاش” في ساسكاتشوان، قبل استكمال الاستحواذ على شركة “بتروهوك للطاقة” في عام 2011. وتكبدت في وقت لاحق خسائر في القيمة، بلغ مجموعها عدة مليارات من الدولارات على أصول بتروهوك، بعد تراجع أسعار الغاز الطبيعي، وأثبتت بعض الحقول أن تطويرها أكثر تعقيداً وتكلفة مما كان متوقعاً.

امتدت آثار تلك الصفقة لفترة طويلة، ولسنوات، كان المسؤولون التنفيذيون في مجال التعدين حذرين في نهجهم، تجاه عمليات الاندماج والاستحواذ، مفضلين عوائد أكبر للمستثمرين بدلاً من ذلك، بما في ذلك من خلال توزيعات أرباح كبيرة، ومع ذلك فقد بدأ هذا النهج في التحول، حيث أعطى تحول الطاقة والسياسات الحكومية، مثل قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة، زخماً جديداً لعقد الصفقات.

في حين كانت شركة “بي إتش بي” ترفع الرهانات بشكل مطرد على التحول إلى عالم منخفض الكربون، حتى مع استمرارها في الاعتماد على خام الحديد، لتحقيق معظم أرباحها، وعليه باعت وحدة النفط والغاز الخاصة بها إلى “وودسايد إنرجي”، في منتصف عام 2022، وأكملت هذا الشهر بيع منجمين للفحم المعدني في شرق أستراليا، إلى شركة “وايتهيفن كول”.

اترك تعليقا