خبير اقتصاد يرصد تأثير الحرب التجارية على الاقتصاد العالمي بعد فرض الصين وكندا رسوم جمركية على السلع الأمريكية
وأضاف غراب، أن فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات الكندية والمكسيكية و10% على واردات الصين لأمريكا، تؤدي لزيادة تكلفة استيراد السلع الوسيطة والمواد الخام التي تستوردها الولايات المتحدة الأمريكية ما يؤدي لرفع تكاليف إنتاج الشركات العاملة في أمريكا وسيكون التأثير أكبر على وجه الخصوص الشركات التي تعتمد على الصلب المستورد، موضحا أنه وفقا لدراسة صادرة عن معهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن هذه التكاليف الزيادة في الإنتاج تمثل عائقا أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة والتي تفتقر للموارد المالية لتحمل هذه الأعباء وهذا قد يدفعها لتقليص نشاطها أو رفع أسعار منتجاتها، موضحا أن زيادة تكلفة هذه السلع يضطر الشركات التي تستوردها إلى إضافة تلك الزيادة إلى المستهلكين ما يكلف الأسرة الأمريكية المتوسطة نحو 2600 دولار سنويا وفقا للدراسة .
أوضح غراب، أن الحرب التجارية تصاعدت بين أمريكا والصين خاصة بعد فرض الصين رسوم جمركية على السلع الأمريكية, إضافة لاتجاه المكسيك وكندا لفرض رسوم جمركية على السلع الأمريكية، وهذا سيؤدي لتقليص مبيعات المصدرين الأمريكيين كما حدث عام 2018 بعد تصاعد الحرب التجارية بين الصين وأمريكا، مؤكدا أن ذلك سيضر بمبيعات المنتجات الأمريكية في السوق الصينية مسببا خسائر كبيرة للشركات الأمريكية بسبب تراجع مبيعاتها، موضحا أن ذلك يتسبب في فقدان وظائف في قطاعات تعتمد على التجارة، وفي تحليل للفيدرالي الأمريكي جاء به أن هذه السياسة الجمركية تخفض التوظيف الصناعي بنسبة 1.4% نتيجة زيادة تكاليف الإنتاج، كما أظهرت دراسة معهد بيترسون أن سياسة ترامب التجارية أسفرت عن خسائر 245 ألف وظيفة في أمريكا خلال السنوات الأولى من تطبيق سياسته الجمركية .
وأكد غراب، أن تصاعد الحرب التجارية بالطبع سينتقل أثرها السلبي على الأسواق الدولية والأسواق الناشئة، ما يتسبب في اضطراب سلاسل التوريد وتباطؤ معدل النمو الاقتصادي وتزايد معدل التضخم عالميا وتقليص حركة التجارة الدولية، مشيرا أن الشركات الأمريكية المتضررة قد تبحث عن مواقع جديدة للإنتاج خارج السوق الأمريكي، إضافة لتقليل الجاذبية الاستثمارية للسوق الأمريكي بالنسبة للشركات الصينية وغيرها، موضحا أن سياسة ترامب التجارية قد تؤثر على دول الخليج لأن التأثير على الاقتصاد الصيني يقلل من طلبه على النفط لأن الصين ودول أسيا الناشئة الأكثر طلبا على النفط، موضحا أن الصين ستضطر البحث عن أسواق بديلة لتصدير منتجاتها إليها وهذا قد يؤدي لتوافر المنتجات الصينية بالدول الناشئة بأسعار أقل من السابق ما يعود بالفائدة على الدول الناشئة .
وأشار غراب، إلى أن تصاعد الحرب التجارية عالميا تدفع المستثمرين إلى الاستثمار في الأصول الأكثر أمانا مثل السندات الأمريكية والدولار، وذلك يؤثر بالسلب على تدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات إلى الأسواق الناشئة، وهذا يقابله زيادة في قيمة الدولار مقابل سلة العملات الأخرى، موضحا أن فرض تعريفات جمركية على الأسواق الناشئة يخفض الطلب على منتجاتها وهذا يقابله ضعف في العملات المحلية، لأن تراجع الطلب على صادرات الأسواق الناشئة يخفض من قيمة عملتها مقابل الدولار، موضحا أن الدولار قد ارتفع خلال الأسابيع الأولى بعد فوز ترامب وهذا راجع عن ارتفاع عوائد سندات الخزانة، ما يعكس التوقعات بأن سياسات ترامب قد تزيد التضخم، رغم قوة الاقتصاد الأمريكي وهذا قد يغير من سياسة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن تخفيض سعر الفائدة .
تابع غراب، أن تصاعد الحرب التجارية وسياسة ترامب الجديدة والتي تعتمد على العقوبات والتهديد وفرض الرسوم الجمركية تهدد العملة الأمريكية أكبر من احتمال تخلي دول تجمع بريكس عن الدولار، مضيفا أن تهديد ترامب قد يجعل دول تجمع بريكس تتحرك بجدية لطرح عملة موحدة بديلا للدولار في التبادل التجاري بينهم، مضيفا أن استمرار استخدام ترامب سياسة الحرب الاقتصادية على بعض الدول يجعلها تتحرك لإيجاد عملة بديلة للدولار، موضحا أن زيادة الرسوم الجمركية قد يجعل الدولار قوي لكنه يصبح مصدرا لعدم الاستقرار المالي العالمي لأنه سيسبب خسائر اقتصادية للاقتصادات الأخرى ومنها الدول الأوروبية الحليفة لأمريكا، وذلك بخفض نمو التجارة العالمية وإضعاف قدرة الدول النامية من الوصول للأسواق الدولية، وتأثيره على الدول التي ستضعف عملاتها من السيطرة على التضخم، وهذا يسرع من عملية إزالة الدولرة العالمية .