قضت محكمة جنح مستأنف القاهرة الجديدة، برئاسة المستشار أمير رفعت النشاوي، اليوم، بحبس مالكي شركة كايرو كونسلت للتنمية العقارية، السيد سعد محمد سعد وإيهاب مراد فراج محمد، لمدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات. جاء هذا الحكم في القضية رقم 4168 لسنة 2024 جنح مستأنف القاهرة الجديدة، على خلفية اتهامهما بالتقاعس عن تسليم الوحدات السكنية في مشروع “سرايات القطامية” لملاكها في الموعد المحدد، وهو نهاية عام 2021.
أوضحت المحكمة في حيثيات الحكم أن المتهمين لم يلتزما بتسليم الوحدات السكنية في الموعد المحدد، كما تبين أن الوحدة السكنية محل النزاع، التي كان من المفترض أن تكون في الدور الخامس، لم تصل إليها أعمال الإنشاءات. واستندت المحكمة أيضاً إلى إفادة من حي البساتين التي أكدت أن العقار لا يزال قيد الإنشاء، حيث تم صب أعمدة وسقف الدور الأرضي وأعمدة الدور الأول فقط، بالإضافة إلى إفادة شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء بأن عداد المشروع مفصول، ولا توجد عدادات في العمارات، مما يؤكد تقاعس وتراخي المتهمين.
قال أشرف أبوعجيلة، المحامي بالنقض والإدارية العليا ومحامي الشاكية، إن هذا الحكم يعد “سبقاً قضائياً” أرست فيه محكمة جنح مستأنف مدينة نصر مبادئ عديدة تهم كل ملاك الشقق، وتحذر شركات التطوير العقاري من التلاعب والتقاعس في التنفيذ. وأوضح أن المحكمة قضت بإلغاء حكم أول درجة الذي كان قد قضى بالبراءة، وانتهت إلى إدانة مالكي “كايرو كونسلت”، ومعاقبة كل منهما بالحبس لمدة 6 أشهر مع الإيقاف. وأكد أن الحكم بمثابة “رصاصة تصيب كل مجرم تسول له نفسه الاستيلاء على حقوق المواطنين”.
وحذر أبوعجيلة المواطنين الراغبين في شراء وحدات سكنية أو تجارية من التعامل مع شركات التطوير العقاري دون التأكد من مصداقيتها، ناصحاً بضرورة الاستعانة بمحام لمراجعة العقود وإضافة بنود تضمن حقوق العميل في الاستلام بالموعد والمواصفات المتفق عليها، بالإضافة إلى تقنين وضع وديعة الصيانة. كما شدد على ضرورة تعديل الشروط التعسفية المدرجة في العقود لحماية حقوق المشترين.
تحدث عدد من ملاك الوحدات السكنية بشركة “كايرو كونسلت” عن معاناتهم جراء مخالفة الشركة لشروط التعاقد وشروط التخصيص. وأوضحوا أن الشركة ما زالت تماطل في تسليم الوحدات منذ عام 2013، وأنها قامت بخداعهم أثناء تسويق المشروع. كما أشاروا إلى أن الشركة لم تقم ببناء بعض العمارات رغم سداد المشترين لكامل الثمن، ولم تلتزم بتوفير المساحات الخضراء. وأكدوا أنهم قاموا بتحرير مئات المحاضر ورفع مئات القضايا، بالإضافة إلى نشر استغاثات في الصحف، ورفع قضية حراسة على الشركة.
أكد الملاك أن هذه الأزمة تحولت إلى أزمة إنسانية، حيث توفي بعض أصحاب الوحدات خلال هذه الفترة، وتأخر زواج البعض الآخر، بينما يعاني العديد منهم بسبب ارتفاع الإيجارات وتكاليف فواتير الكهرباء. كما أضافوا أن التكاليف الباهظة لتشطيب الوحدات في الوقت الحالي تمثل عبئاً إضافياً، إلى جانب تعرض البعض لمخاطر السمعة بسبب اتهامات بسرقة التيار الكهربائي.
تأتي هذه القضية لتسلط الضوء على التحديات التي يواجهها المشترون في سوق العقارات، وتطرح تساؤلات حول مدى فعالية الرقابة على شركات التطوير العقاري. ويظل السؤال مطروحاً: هل سيكون هذا الحكم القضائي بمثابة رادع حقيقي لشركات التطوير العقاري التي تتلاعب بحقوق المواطنين، أم أن هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات لحماية حقوق المشترين؟