سلط المنتدى الحضري العالمي، الضوء على زيادة الوعي بإدارة المخلفات والنفايات التي شهدت تطورًا جوهريًا الفترة الماضية، وكذلك التوسع في إنتاج الوقود الصلب لتعزيز الاعتماد عليه كمصدر آمن للطاقة؛ تماشيًا مع الرؤية العامة لوزارة البيئة بشأن المخلفات في مصر.
شارك في الجلسة التي عقدت تحت عنوان “إعادة النظر في الإدارة المتكاملة للمخلفات في مصر: ابتكارات من أجل اقتصاد دائري” كل من الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، منى شهاب منسق مشروع إدارة تلوث الهواء بالبنك الدولي بوحدة المخلفات بوزارة التنمية المحلية، هشام شريف رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة إنتاج وايكارو، توبياس جيرلاش، منسق قطاع البيئة والتحضر المستدام والموارد الطبيعية والطاقة بالوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)”.
وانطلقت أعمال الدورة الثانية عشرة للمنتدى الحضري العالمي «WUF12»، المؤتمر الرئيسي للأمم المتحدة المعني بالتنمية الحضرية المستدامة، الذي يُقام في مصر كأول دولة تستضيفه في أفريقيا منذ 20 عاماً تحت شعار «كل شيء يبدأ محلياً.. لنعمل معاً من أجل مدن ومجتمعات مستدامة»، بمشاركة وفود أممية ودولية رفيعة المستوى، ليوجه أنظار العالم صوب مصر وتجربتها التنموية الحديثة ولبحث معالجة قضية التحضر العالمي وإيجاد حلول لأزمة الإسكان العالمية.
المدافن الصحية للمخلفات
قالت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، إن مصر كانت تواجه أزمة في ملف المخلفات الصلبة وتم وضع خطة منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي رئاسة الدولة المصرية، تركزت على الفصل بين من يقوم بوضع الخطة ومن ينفذها ومن يتابع عملية التنفيذ.
وأضافت أن التخلص من المخلفات هي بالأساس خدمة يتم تقديمها للمواطن ولابد من وجود مقابل لهذه الخدمة، لذا كان لا بد من التكامل بين الإدارات و الجهات المعنية كافة وتم وضع قانون لضبط عملية التخلص من المخلفات.
وأكدت أن القطاع الخاص لعب دورا مهما في التعاون للتخلص من المخلفات وتوالت الشراكات مع القطاع الخاص في هذا الملف، موضحة أنه تم تنفيذ 28 مدفنا صحيا للمخلفات، كما تم تنفيذ أكثر من 60 محطة وسيطة ومتحركة.
ولفتت إلى أهمية عنصر الاستدامة المالية، لذا تم تطبيق رسوم لتوفير موارد مالية تعتمد عليها في تنفيذ خططها للتخلص من المخلفات، مشيرة إلى أن ما تم تنفيذه حتى الآن من مشروعات التخلص من النفايات ساهم في وجود خبرات لدى الشركات المصرية في هذا المجال، مؤكدة أن القطاع الخاص لديه فرص كبيرة للمشاركة في خطة الوزارة للتخلص من المخلفات، كما أنه جار طرح محافظتين للمخلفات الطبية حاليًا.
تعزيز الوعي بإدارة المخلفات
وقالت منى شهاب، منسق مشروع إدارة تلوث الهواء بالبنك الدولي بوحدة المخلفات بوزارة التنمية المحلية، إن دور وزارة في دعم ملف المخلفات جاء بالتناغم والتضافر مع وزارة البيئة والبرنامج الوطني للمخلفات ما أدى لإحداث طفرة في هذا الملف.
تابعت أنه منذ عام 2015 وحتى الآن شهد ملف إدارة المخلفات تطورات جوهرية حيث تم إنشاء أكثر من 30 مدفنا صحيا بالمحافظات، وتستهدف الوزارة إنشاء نحو 46 مدفنا صحيا بنهاية العام الجاري، وجار العمل على 16 مدفنا خلال الفترة الراهنة.
أشارت إلى أنه منذ عرض وزارة البيئة، الرؤية العامة للمخلفات على رئاسة الجمهورية وقد تمت الموافقة عليها والعمل على تنفيذ الخطة المستهدفة ومن ضمنها برنامج تطوير البنية التحتية الأساسية.
أضافت أن وزارة التنمية المحلية تعمل على تحفيز المحليات وزيادة الوعي وتعليم الكوادر في الأمور المتعلقة بإدارة المخلفات سواء في المدافن أو غيرها لبناء القدرات المحليات في المحافظات، موضحة أن هناك وحدة لإدارة المخلفات لمتابعة المنظومة والإشراف عليها في مختلف المحليات ضمن برنامج ثالث لمنظومة الإدارة المتكاملة للمخلفات والتي تعمل عليه الوزارة وذلك من خلال التنسيق والدراسات التي تقوم بها وزارة البيئة للعمل على تنفيذها عن طريق الكوادر المحلية المدربة.
نوهت إلى المشاريع التي تقوم عليها الوزارة بمساعدة القطاع الخاص والتي تساعد على دفع عجلة النمو في مختلف المجالات المتعلقة بالبيئة على رأسها “مشروع كتشنر” في 3 محافظات هي الدقهلية والغربية وكفر الشيخ؛ لتحسين نوع المياه وتقليل النسبة التي تصل من المخلفات لمصرف كتشنر، فضلا عن عمل بنية تحتية تقوم بإدارة المخلفات.
أشارت إلى إنشاء أكبر مدينة لمعالجة المخلفات بمدينة العاشر من رمضان والمستهدف الاستفادة منها من قبل هيئة المجتمعات العمرانية ومحافظة القاهرة الكبرى، مشيرة إلى أن المجمع يستهدف إدارة المخلفات “البلدية” باعتبارها أكثر المخلفات الموجودة وكذلك المخلفات الصلبة ومخلفات البناء والهدم، وكذلك مخاطر المخلفات الصناعية والطبية بهدف معالجة المياه واستخدامها في السماد الشجري.
وقالت إنه يتم العمل على مشروع إدارة تلوث الهواء لتنقية الهواء بمحافظات القاهرة الكبرى؛ الناتج من الحرق أو المخلفات البلدية الصلبة والعمل على تقليل تلك الانبعاثات بهدف تحسين جودة الهواء عبر عدد من المشروعات وذلك مراعاة لتطبيق معايير الاستدامة.
إنتاج الوقود الصلب البديل
من جانبه قال الدكتور هشام شريف، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لمجموعة إنتاج وايكارو، إن وزارة البيئة بالتعاون مع الجهات المعنية نجحت في تقديم تجربة ناجحة لمنظومة إنتاج الوقود الصلب البديل بالسوق المحلية، وهي منظومة بيئية مستقرة حالياً.
أضاف أن المنظومة المستقرة لإنتاج الوقود الصلب حققت نجاحاً لحل أزمة الوقود والطاقة في مصانع الأسمنت بالدولة، وأصبحت هناك مطالب متعددة حالياً بالتوسع في إنتاج الوقود الصلب لتعزيز الاعتماد عليه كمصدر آمن للطاقة في مصانع الأسمنت.
أشار إلى أن وزارة البيئة نجحت في وضع معايير نجاح جيدة للغاية في منظومة إنتاج الوقود الصلب البديل تمثلت في خلق صناعة مستقرة، والاعتماد على تكنولوجيا حديثة، ما عزز الطلب على هذه الصناعة بالسوق المحلية، لافتًا إلى ضرورة تطبيق معايير النجاح في منظومة إنتاج الوقود الصلب البديل في تحويل المادة العضوية لإنتاج الأسمدة العضوية، ودعم السوق بمشروعات مستدامة في مجالات البيئة.
وقال شريف إن العديد من محافظات مصر تشهد وجود مراكز رئيسية لإدارة المخلفات أبرزها الغربية وكفر الشيخ وقنا، التي شهدت إنشاء المراكز الأولى في مجال إدارة المخلفات، موضحًا أن التجربة المصرية في مجال إدارة المخلفات أصبحت نموذجاً يحتذى به، ويجري التعاون مع دول المغرب وليبيا لنقل التجربة.
الشراكة بين القطاعين العام والخاص لدعم الاقتصاد الدائري
من ناحيته أشاد توبياس جيرلاش، منسق قطاع البيئة والتحضر المستدام والموارد الطبيعية والطاقة بالوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، باستضافة مصر المنتدى الحضري العالمي، مضيفًا أن الحكومة المصرية بذلت جهودًا ملحوظة لإخراج نسخة يعتبرها واحدة من أفضل نسخ المنتدى التي شاهدها على الإطلاق.
وأكد توباس أن الحكومة المصرية بذلت خلال الأعوام الماضية جهودًا عظيمة في مجال إدارة النفايات، موضحًا أن برنامج إدارة النفايات الذي تدعمه مؤسسة الاتحاد الأوروبي الخضراء، والذي يتم تنفيذه بالشراكة مع العديد من الجهات من بينها الوكالة (GIZ)، يسعى إلى تحقيق أهداف طموحة تتمثل في بناء القدرات البشرية والمؤسسية، وتقديم خدمات عامة محلية فعالة، وتشجيع الابتكار في مجال إدارة النفايات، وتوسيع نطاق الاقتصاد الدائري في مصر.
أشار إلى أن البرنامج يركز على تطوير استراتيجية شاملة للاقتصاد الدائري بالتعاون مع وزارة البيئة المصرية، مؤكدًا أهمية وجود بيانات دقيقة وموثوقة لقياس التقدم المحرز في هذا المجال.
وشدد توباس على أهمية مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني في تحقيق أهداف البرنامج، فالاقتصاد الدائري يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، كما لفت إلى أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني في تحقيق التحول نحو الاقتصاد الدائري في مصر.
أشار إلى ضرورة تبني نهج لا مركزي في إدارة النفايات، مع إشراك السلطات المحلية والمواطنين في عملية صنع القرار واتخاذ الإجراءات اللازمة، وذكر أن هذا النهج يتطلب بناء القدرات لدى المستويات المحلية وتزويدها بالمعرفة اللازمة لإدارة النفايات بشكل فعال.
كما أكد أهمية دور القطاع الخاص في دفع عجلة التحول نحو الاقتصاد الدائري، مبينا أن القطاع الخاص يمتلك الإمكانيات والابتكارات اللازمة لتطوير حلول مبتكرة لإدارة النفايات وتحويلها إلى موارد قيمة، ودعا إلى ضرورة توفير بيئة جاذبة للاستثمار في هذا المجال وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وأكد توباس أن برنامج إدارة النفايات الذي تدعمه ألمانيا يسعى إلى بناء نظام شامل لإدارة النفايات في مصر، ويشمل تطوير استراتيجية وطنية للاقتصاد الدائري، وإنشاء نظام للإبلاغ والتحقق والرصد، وتوعية المجتمع بأهمية إعادة التدوير وإدارة النفايات بشكل صحيح.