تصاعدت حدة التوتر بين تركيا واليونان إلى مستويات غير مسبوقة، بعد تهديد صريح ومباشر من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأثينا بدفع ثمن باهظ إذا استمرت في انتهاك المجال الجوي ومضايقة الطائرات فوق بحر إيجه.

وأعربت دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا من قلقها إزاء تصريحات أردوغان التي وصفتها بالـ “عدائية”، فيما بعثت أنقرة برسائل للمنظمات الدولية لشرح موقفها ووجهة نظرها لحل المشكلة القائمة مع اليونان في بحر إيجه.

مخاوف أوروبية
عبر الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء تصريحات الرئيس التركي التي اتهم فيها اليونان باحتلال جزر منزوعة السلاح في بحر إيجه، قائلاً إن “أنقرة مستعدة لفعل ما يلزم عندما يحين الوقت المناسب”.

وقال بيتر ستانو المتحدث باسم مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان إن “التصريحات العدائية المستمرة من جانب القيادة السياسية لتركيا ضد اليونان تثير مخاوف كبيرة، وتتناقض تماماً مع جهود التهدئة التي تشتد الحاجة إليها في شرق البحر المتوسط”.

وأضاف أن “التهديدات والخطابات العدوانية غير مقبولة ويجب أن تتوقف”، مشدداً على مطالب الاتحاد الأوروبي بتسوية الخلافات سلمياً، وفي ظل الاحترام الكامل للقانون الدولي، وأوضح أن الاتحاد الأوروبي يكرر توقعاته أن تعمل تركيا بجد على تهدئة التوتر بطريقة مستدامة لمصلحة الاستقرار الإقليمي في شرق البحر المتوسط، وأن تحترم بشكل كامل سيادة وسلامة أراضي جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

الحاجة إلى التهدئة
وبدورها، أعربت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا، خلال زيارة إلى أثينا عن قلق فرنسا بسبب التوترات المتزايدة بين اليونان وتركيا، الخصمين التاريخيين والعضوين في حلف شمال الأطلسي.

وقالت للصحفيين في أعقاب محادثات أجرتها مع نظيرها اليوناني، نيكوس دندياس، إن “المنطقة ليس بحاجة إلى توترات، إنها بحاجة إلى تهدئة”، مشيرة إلى أنها حضّت نظيرها التركي مولود جاويش أوغلو على تجنب أي تصعيد، سواء كان لفظياً أو غير ذلك، حسب ما ذكرت وكالة فرانس برس.

واعتبرت الولايات المتحدة تحذيرات الرئيس التركي لليونان بشأن النزاعات البحرية “غير مفيدة”، وحثت الجارين العضوين في الناتو على تسوية خلافاتهما بطرق دبلوماسية، وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إنه “في وقت غزت فيه روسيا، مرة أخرى، دولة أوروبية ذات سيادة، التصريحات التي يمكن أن تثير خلافات بين الحلفاء في الناتو غير مفيدة”.

كما قال وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس في رسالة إلى الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ: “الموقف التركي عامل اضطراب لوحدة الأطلسي وتماسكه، ويضعف الجناح الجنوبي للحلف في وقت الأزمات”، مضيفاً أن “تصريحات المسؤولين الأتراك باتت أكثر فأكثر شائنة وغير مقبولة”.

وقالت مصادر دبلوماسية يونانية، إن الخطاب التركي يشوه الحقيقة وأن الذرائع التركية لا أساس لها من الصحة ومخالفة للقانون الدولي، مشيرة إلى أن اليونان أرسلت أيضاً رسائل للأمم المتحدة وحلف الأطلسي.

وفي المقابل، اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، تانجو بيلجيتش، دعم الاتحاد الأوروبي المطلق لليونان في خلافات بحري إيجة والمتوسط بذريعة التضامن مع الدول الأعضاء، يتعارض مع مكتسبات الاتحاد الأوروبي والقانون الدولي.

التوازن الأوروبي
ومن جهته، اعتبر الكاتب التركي المقرب من الحكومة، حسن بصري يالتشين، في مقال له على صحيفة “صباح”، أن آخر شيء تريده الولايات المتحدة الآن هو مثل هذا الانهيار في حلف الناتو.

وقال “تفضل واشنطن اليونان التي من شأنها أن تصيب تركيا بالصداع، لكن الولايات المتحدة لديها حدود، لأن هذا سيحول التوازن الأوروبي برمته إلى معركة”، موضحاً “لهذا السبب وجه أردوغان من خلال تهديداته رسالة إلى الناتو والولايات المتحدة، إنه حذر بلغة مألوفة للغاية، هذا هو الهدف من عبارة قد نأتي فجأة ذات ليلة، يقول إن تركيا الآن على الحدود”.

وفي موقع الحرة، رأى الباحث المختص بالشأن السياسي التركي، محمود علوش، أن المستوى الجديد من التصعيد “أكثر خطورة مقارنة بالسابق، رغم التوترات المزمنة بين أثينا وأنقرة، والخلافات العميقة عصية الحل، فيما اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة بان ديو بأثينا، عارف عبيد أن ما يجري “معركة إعلامية بين اليونان وتركيا فقط، ستنحصر على وسائل الإعلام ولن تتطور إلى صراع عسكري بسبب الضغوط الأمريكية والأوروبية”.