ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم الجمعة، كلمة خلال مشاركته فى قمة “محيط واحد”، أكد فيها ضرورة الحفاظ على البحار والمحيطات، والعمل على مواجهة التغيرات المناخية.
وفيما يلى نص كلمة الرئيس السيسى:
بسم الله الرحمن الرحيم
فخامة الرئيس/ إيمانويل ماكرون..
رئيس الجمهورية الفرنسية،
السادة أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات،
أود أن أتقدم بالشكر، لفخامة الرئيس “إيمانويل ماكرون”، على دعوته لهذه القمة فى هذا التوقيت المهم، على صعيد عمل المناخ الدولى وجهود حماية الطبيعة انعكاسًا للأهمية التى باتت تحظى بها هذه الموضوعات، والجهود الحثيثة التى تبذلها دولنا فى هذا الإطار.
السيدات والسادة،
تمثل البحار والمحيطات، نحو “70٪” من مساحة كوكبنا، وتربط بين شعوبنا وثقافاتنا، وتساهم فى حركة التجارة والملاحة الدولية فضًلا عن كونها مصدرًا مهمًا للغذاء والموارد الطبيعية ومحفزًا للنشاط الاقتصادى، ولازدهار مجتمعات ودول بأسرها.
ونحن نعى ذلك فى مصر جيدًا، فلقد ساهم موقعنا على البحرين الأحمر والمتوسط، فى نشأة حضارتنا الممتدة، وبناء تطورنا منذ فجر التاريخ فضًلا عن امتلاك مصر لقناة السويس، التى ساهمت ولا تزال، فى دفع حركة التجارة الدولية، بوصفها أحد أهم الممرات الملاحية فى العالم.
ولقد حرصت مصر منذ وقت مبكر، على وضع الأطر القانونية المنظمة للأنشطة الاقتصادية، ذات الصلة بالبحار والمحيطات، لتضمن استدامة الموارد البحرية والحفاظ عليها ولتحول دون تعرض البحار للتلوث بشتى أنواعه، بما فى ذلك التلوث بالنفايات البلاستيكية، الذى يمثل تحديًا حقيقيًا، خاصة أمام الدول النامية التى تسعى للحصول على الدعم والتكنولوجيا، اللازمين لتنفيذ استراتيجيات الحد من استخدام البلاستيك المضر بالبيئة.
تتخذ مصر كذلك خطوات حثيثة، للتحول إلى مركز للطاقة المتجددة، بما فى ذلك التوسع فى إنتاج الهيدروجين الأخضر، بما يمثله من فرصة حقيقية، لخفض حجم انبعاثات قطاع النقل البحرى، وسنعمل خلال الفترة القادمة، على طرح أفكار ومبادرات للتشاور حولها مع شركاء التنمية، بهدف حشد المزيد من الدعم للجهود المصرية فى هذا المجال المهم.
أما على الصعيد الدولى، فقد عملت مصر خلال رئاستها، لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجى، على إطلاق مسار تفاوضى، للتوصل إلى أهداف جديدة لحماية الطبيعة، وفى مقدمتها حماية البحار والمحيطات كما تشارك مصر باهتمام فى المشاورات الجارية، تحت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، للتوصل إلى أداة قانونية جديدة، لحماية التنوع البيولوجى فى المناطق البحرية، خارج نطاق الولاية الوطنية.
السيدات والسادة،
يظل تغير المناخ التحدى الأصعب الذى يواجهنا، بما له من آثار سلبية تطول شتى مناحى الحياة وليست البحار والمحيطات بمعزل عن تلك الآثار حيث امتصت المحيطات ما يزيد على “٩٠٪”، من الحرارة الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحرارى، بوتيرة متسارعة منذ سبعينيات القرن الماضى، ما ساهم فى ارتفاع مستوى حمضيتها، وانخفاض نسبة الأكسجين بها، وتدهور الحياة البحرية فضًلا عن التهديد المستمر، الذى يمثله ارتفاع مستوى سطح البحار والمحيطات، على المناطق الساحلية فى العديد من دول العالم.
وعلى الرغم من ذلك، لا تزال الجهود الدولية للتغلب على الآثار السلبية، لتغير المناخ على البحار والمحيطات، لا ترقى إلى المستوى المأمول ومن ثم فإن مصر، بصفتها الرئيس القادم، لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، تدعو إلى تكثيف الجهود الدولية، الرامية إلى حماية بحارنا ومحيطاتنا من تلك الآثار، والحفاظ علــى اسـتدامتها وتنـوع الحياة البحريـة بها وسنعمل من جانبنا، على أن تشهد الدورة القادمة للمؤتمر، حوارا بناء حول هذه المسألة، يستند إلى أفضل الممارسات والعلوم المتاحة وأن تسفر الدورة عن نتائج ومبادرات طموحة، تبنى على نتائج مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات، الذى تستضيفه البرتغال منتصف العام الجارى، لتساهم فى تعزيز جهود دولنا، فى تخفيف تبعات تغير المناخ على البحار والمحيطات، وفى حشد التمويل الذى تحتاجه الدول النامية، والإفريقية منها على وجه الخصوص، للقيام بهذا الجهد.
وتأكيدًا على مساهمتنا، فى الجهد الدولى لحماية البحار والمحيطات يسرنى أن أعلن عن انضمام مصر، إلى الإعلان المقرر صدوره عن قمتنا هذه، تحت عنوان، “حماية المحيط: وقت العمل” وكذلك إلى مبادرتى “التحالف العالمى للمحيطات”، و”التحالف عالى الطموح من أجل الطبيعة والبشر” ونتطلع إلى العمل فى إطار تلك المبادرات المهمة مع كافة الأطراف، لضمان تحقيقهما للنتائج المرجوة.
السيدات والسادة،
أثق أن قمتنا اليوم، ستخرج بنتائج إيجابية، تعكس التزام دولنا، بتحقيق أهداف “اتفاق باريس للمناخ”، وحماية البحار والمحيطات وأتطلع فى هذا الصدد، إلى استقبالكم فى “شرم الشيخ”، خلال القمة القادمة لتغير المناخ لنواصل معًا حديثنًا هذا، لصالح حماية الحياة على كوكبنا، لنا وللأجيال القادمة.