رفع صندوق النقد الدولي، توقعاته للنمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان إلى 3.2% لعام 2025، وذلك ارتفاعاً من توقعاته السابقة في أبريل، وفقاً لتقريره الإقليمي الأخير الصادر على هامش الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدولي.
وأوضح التقرير، بحسب ما نشر عبر الموقع الرسمي، أن النمو في المنطقة لعام 2024 بلغ 2.1%، مشيراً إلى أن الدول المصدرة للنفط استفادت من زيادة الإنتاج النفطي بعد التراجع السريع في خفض الإنتاج ضمن اتفاق “أوبك+”، بينما استفادت الدول المستوردة للنفط وباكستان من انخفاض أسعار الطاقة، وتحويلات مالية قوية من الخارج، وقطاع سياحي نشط، مما دعم الطلب المحلي.
أما في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى، فتوقّع الصندوق أن يقود الاستهلاك القوي، وتوسّع الائتمان، واستقرار صادرات الهيدروكربونات النمو الاقتصادي، ليصل إلى 5.6% في 2024، قبل أن يتراجع إلى نحو 4% على المدى المتوسط مع استقرار إنتاج النفط والغاز وتقدم جهود ضبط الأوضاع المالية العامة.
ورغم التوترات التجارية والصراعات الإقليمية، قال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، إن اقتصادات المنطقة أظهرت قدراً لافتاً من الصمود، حيث جاء النمو أقوى من التوقعات، بينما كان تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية والتقلبات الجيوسياسية محدوداً ومؤقتاً.
وأكد صندوق النقد الدولي أنه مستمر في دعم دول المنطقة من خلال المشورة السياسية، والتمويل، وبناء القدرات، مشيراً إلى أنه منذ بداية 2020، تمت الموافقة على تمويلات تقارب 56 مليار دولار لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان، إلى جانب تنفيذ أكثر من 385 مشروعاً لبناء القدرات في 31 دولة بقيمة 36.8 مليون دولار خلال عامي 2024 و2025.
كما أشار التقرير إلى أن أسعار الصرف تكيفت بسلاسة، وتراجعت فروق العوائد على السندات السيادية، وتمكنت عدة دول من العودة إلى أسواق السندات الدولية بنجاح.
في حين شهدت معظم دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان تراجعاً في معدلات التضخم، لا تزال الضغوط التضخمية مرتفعة في العديد من دول آسيا الوسطى نتيجة للطلب المحلي القوي وارتفاع أسعار الواردات.
وتوقع الصندوق أن يستمر النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وباكستان في التحسن بدعم من الإصلاحات الهيكلية والطلب المحلي القوي، بينما سيشهد النمو في آسيا الوسطى تباطؤاً تدريجياً نحو وتيرة أكثر استدامة مع تراجع التضخم.
وحذر أزعور من أن الضبابية الاقتصادية العالمية والصدمات المتكررة قد تؤثر سلباً على التوقعات، موضحاً أن استمرار التضخم والمخاوف بشأن استدامة المالية العامة في الاقتصادات المتقدمة قد يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض، خصوصاً للدول التي تواجه احتياجات تمويلية كبيرة.
كما نبه إلى أن المنطقة لا تزال معرضة للمخاطر الجيوسياسية والصدمات المناخية، والتي قد تعرقل النشاط الاقتصادي.
ودعا التقرير الدول إلى استغلال الزخم الحالي لإعادة بناء الاحتياطيات المالية والخارجية، وتعزيز أطر المالية العامة لضمان الاستدامة على المدى الطويل، بالإضافة إلى تعزيز مصداقية السياسات النقدية، وتسريع الإصلاحات الهيكلية، وتمكين القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات المولدة لفرص العمل.
وفيما يخص الدول المتأثرة بالنزاعات، أوصى الصندوق بالتركيز على تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وإعادة بناء المؤسسات، وتأمين الدعم الخارجي.
وعلى الصعيد العالمي، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو في 2025 إلى 3.2%، بعد أن كانت 3% في يوليو الماضي، مشيراً إلى أن هذا التحسن يعكس ضعف تأثير الرسوم الجمركية، واستمرار قوة التجارة العالمية، وتكيّف القطاع الخاص بشكل فعّال مع التحديات.