خبراء دوليون: التجارة غير المشروعة تكبد الاقتصاد العالمي خسائر تقدر بـنحو 40 مليار دولار سنوياً
كشفت تقارير دولية حديثة عن تصاعد ملحوظ في نشاط التجارة غير المشروعة عبر قطاعات حيوية متعددة، وهو ما يُسبب خسائر اقتصادية ضخمة ويشكل تهديدًا واضحًا للصحة العامة. وأشارت التقارير إلى أن السلع المهربة والمقلدة تشمل أدوية ومستحضرات تجميل ومواد غذائية وأجهزة إلكترونية، مما يفاقم المخاطر الصحية ويغذي شبكات الجريمة المنظمة.
وحذر خبراء دوليون من أن غياب الرقابة وانتشار هذه السلع يعرّض الملايين لمخاطر صحية واقتصادية جسيمة، ويقلص من قدرة الدول على تحصيل الإيرادات الضريبية اللازمة لتمويل الخدمات العامة.
وفي تصريح له، أكد الدكتور ستانتون جلانز، أستاذ الطب بجامعة كاليفورنيا، أن “المواطنين يدفعون الثمن الأكبر لهذه التجارة، حيث يواجهون مخاطر صحية وأعباء اقتصادية، بينما تحقق المنظمات الإجرامية أرباحًا طائلة”.
من جهتها، أكدت الدكتورة فيرا لويزا دا كوستا إي سيلفا، الرئيسة السابقة لأمانة اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية “WHO FCTC”، أن مكافحة التجارة غير المشروعة “تتطلب تعاونًا دوليًا واسعًا”، مشيرة إلى أن الظاهرة “لا تضر بالصحة فقط، بل تسهم أيضًا في تمويل الجريمة المنظمة وزعزعة الاستقرار الاقتصادي”.
وأشارت التقارير إلى قطاع التبغ كمثال بارز للخسائر الناتجة عن هذه التجارة، حيث تنتشر السجائر المهربة في الأسواق دون رقابة صحية أو ضريبية، الأمر الذي يؤدي إلى خسائر ضخمة في إيرادات الحكومات. ويُقدّر حجم الخسائر العالمية في هذا القطاع بنحو 40 مليار دولار سنويًا، مع خسائر تفوق 10 مليارات يورو في الاتحاد الأوروبي وحده. وتتجه الأنظار إلى مناقشة القضاء على تهريب منتجات التبغ وتعزيز التداول القانوني في إجتماع الأطراف “MOP” الملحق بإنعقاد مؤتمر الأطراف “COP” للإتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ “WHO FCTC” المقرر إنعقاده في نوفمبر القادم في مدينة جنيف بسويسرا.
وفي جنوب إفريقيا، تشير البيانات إلى أن نحو 25% من إيرادات الضرائب على التبغ تضيع بسبب التهريب، فيما تؤثر التجارة غير المشروعة على أسواق دول مثل البرازيل وكولومبيا، مسببة زيادة في معدلات الفقر والتفاوت الاجتماعي.
كما حذر الخبراء من مخاطر الأجهزة المقلدة، خاصة الهواتف المحمولة، التي لا تفي بمعايير السلامة وقد تعرض مستخدميها لاختراقات أمنية وانتهاكات للخصوصية. أما الأدوية المزيفة، فتعتبر الأخطر، إذ قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة أو نتائج كارثية، خصوصًا في الأسواق النامية التي تعاني من ضعف الرقابة.
وأكد المختصون بأن التصدي لهذه الظاهرة يبدأ بتوعية المستهلكين لعدم شراء السلع المهربة أو المقلدة، إلى جانب تطوير التشريعات وتعزيز آليات الرقابة، وذلك في ظل خسارة الحكومات لإيرادات ضرورية تمول الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والبنية التحتية.