أول تحليل رقمي لقفزة أسعار النفط والغاز في 2021.. وماذا قدمت أوبك+؟
شهدت أسعار النفط والغاز قفزات قوية في 2021، بعد انهيار تعرضت له العام الماضي نتيجة انتشار فيروس كورونا، وما تبعه من إغلاق اقتصادي على مستوى العالم.
ومن 30 دولارًا تقريبًا لأسعار النفط في الربع الأول من 2020، قفز خام برنت إلى مستوى 85 دولارًا للبرميل في الربع الثالث من 2021، بفعل عدد من العوامل، أبرزها السياسة الإنتاجية لتحالف أوبك+، الذي يضم السعودية وكبار منتجي النفط من خارجها، بقيادة روسيا.
وفي هذا السياق، أصدرت وحدة أبحاث “الطاقة” المتخصصة في تحليل الأرقام والبيانات، تقريرًا سنويًا يرصد بالأرقام ماذا حدث في قطاع الطاقة وسوق النفط والغاز بشكل خاص في 2021.
ومن المؤكد أن عام 2021 كان شاهدًا على 3 أحداث وتطورات جديدة في ديناميكية أسواق النفط، وهي: تبنّي كبار الدول النفطية سياسات ومواقف جديدة، فضلًا عن إسهام أزمة الطاقة العالمية في تحويل النفط إلى منافس قوي لمصادر الطاقة الأخرى، أمّا الأمر الثالث، فهو تباطؤ وتيرة الزيادة في إنتاج النفط الصخري الأميركي رغم قفزة الأسعار.
أسعار النفط
استطاعت أسعار النفط في 2021 تعويض الخسائر التي سجلتها خلال عام الوباء، حتى إنها وصلت لمستويات هي الأعلى منذ عام 2014، وحققت مكاسب تقارب الـ50%.
وترى وحدة أبحاث “الطاقة” المتخصصة، أن عدّة عوامل تكاتفت في تحقيق هذا الأداء، إذ إن النشاط الاقتصادي آخذ في التعافي، مع تخفيف قيود الحركة، ما عزز تعافي الطلب على الوقود، هذا فضلاً عن اتّباع سياسة التخفيض التدريجي لاتفاق أوبك+ بشأن الإمدادات.
ولم يكن ما سبق كلمة السر الوحيدة في قفزة أسعار النفط المسجلة 2021، بالنظر إلى ارتفاع عمليات السحب من المخزونات النفطية، ليكون من المرجح أن تسجل مستويات أقلّ من تلك المسجلة قبل تفشّي وباء كورونا.
ورغم البلبلة التي أثارها قرار الرئيس الأميركي، جو بايدن، بالسحب من احتياطي النفط الإستراتيجي، -بعدما فشلت مساعي دفع تحالف أوبك+ لتعزيز الإمدادات بوتيرة أسرع من المتّبعة في أسواق النفط- فإن تأثيره في أسعار الخام كان محدودًا للغاية بفعل التكهنات القوية قبل إعلانه رسميًا.
في عام 2021، أعلنت العديد من الدول في مختلف أنحاء العالم عن اكتشافات حقول جديدة للنفط والغاز.
ومن المرجح أن تكون أحجام الاكتشافات العالمية من النفط والغاز طوال عام 2021 هي الأقلّ منذ عام 1946 عند 4.7 مليار برميل نفط مكافئ، من بينها 66% اكتشافات سائلة، أمّا الـ34% المتبقية فكانت في صورة غازيّة.
وتُعدّ اكتشافات النفط والغاز هذا العام أقلّ مقارنة مع عام الوباء، عندما بلغ حجمها 12.5 مليار برميل مكافئ من النفط، وكذلك أعلى من الاكتشافات المسجلة طوال الـ5 أعوام السابقة لعام 2020. وهذا أمر منطقي بسبب الوقت اللازم لإراء الدراسات الجيولوجية والزلزالية. بعبارة أخرى، اكتشافات عام 2000 كانت نتيجة المجهود في العام الذي سبقه.
وتقود الاكتشافات الجديدة لحقول النفط والغاز هذا العام، شركة إيني الإيطالية وشركة إكوينور النرويجية وشركة إكسون موبيل الأميركية وكذلك شركة النفط الوطنية في الصين.
إنتاج النفط وصادراته
ارتفع إنتاج النفط العالمي في عام 2021، وصاحب ذلك زيادة في صادرات الخام، بعد الضربة التي خلّفتها أزمة فيروس كورونا العام الماضي.
وصاحب الزيادة في الإنتاج قفزة كبيرة في أسعار النفط لتحوم حول أعلى مستوياتها في 7 أعوام، وإن كان لا يزال إنتاج الخام أقلّ من مستويات ما قبل الوباء وسط ظهور سلالات جديدة من الفيروس، ومع تمسّك تحالف أوبك+ بالقيود على الإمدادات النفطية.
وبينما استفادت أسواق النفط عمومًا من التعافي الاقتصادي وتخفيف قيود الإغلاق، حالت عوامل طبيعية، مثل الأعاصير في خليج المكسيك وظروف الشتاء القارس في أوروبا وغيرها، دون زيادة قوية في مستويات إنتاج النفط.
ومثلما كانت الحال في عهد الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، طالب الرئيس الحالي، جو بايدن، تحالف أوبك+ بزيادة الإنتاج مرارًا لمواكبة التعافي في الطلب وتهدئة أسعار المشتقات المحلية، لكنه لم يقف مكتوف الأيدي حيال تجاهل المنظمة وحلفائها طلبه؛ إذ قرر السحب من مخزون النفط الإستراتيجي بالتعاون مع دول أخرى.
وهناك نظرة أخرى أكثر تفاؤلًا بشأن أسعار النفط العام المقبل، إذ من المتوقع أن تتجاوز عتبة 100 دولار للبرميل كما تشير بعض البنوك الاستثمارية، وإن كانت إدارة معلومات الطاقة الأميركية تحافظ على تقديرات معقولة نسبيًا عند 70.05 و66.42 دولارًا للبرميل لكل من خامي برنت وغرب تكساس الوسيط على الترتيب.
أسعار الغاز الطبيعي في 2021
ارتفعت أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بنحو 47.4% منذ بداية العام الجاري، حسب وحدة أبحاث “الطاقة”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، بلغت أسعار الغاز الطبيعي في بورصة نيويورك أعلى مستوياتها منذ عام 2014، حينما تجاوزت 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بعدما بدأت العام الجاري عند 2.3 دولارًا، لكنها قلّصت مكاسبها في آخر شهرين لتقف عند 3.7 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية حتى 23 ديسمبر/كانون الأول.
وفي مجمل 2021، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يبلغ متوسط أسعار الغاز الطبيعي في هنري هوب 3.97 دولارًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، مقارنة مع 2.03 دولارًا العام الماضي.