بعد القرارات الاقتصادية الاستثنائية التي أقرها المركزي المصري بخصوص سعر الصرف، أصدرت الحكومة توجيهات للضرب بيد من حديد على تجارة السوق السوداء لضمان نجاح استقرار سعر الصرف.
وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة من المفترض أن يعقبها سعر واحد للعملة، لذلك تم التوجيه لوزارة الداخلية للضرب بيد من حديد على جميع تجار السوق السوداء ومنظومة الشبكات التي كانت تسيطر على تحويلات المصريين من الخارج.
وفي ظل أزمة العملة التي كانت تعاني منها مصر خلال الفترة الماضية كانت هناك سوقان لسعر صرف الدولار السوق الرسمية الذي سجل 30.9 جنيه للدولار قبل قرارات أمس مقابل أسعار السوق الموازية التي وصلت في الآونة الأخيرة إلى 70 جنيها للدولار، وذلك قبل أن تنخفض لمستويات الـ40 جنيهاً عقب توقيع صفقة رأس الحكمة.
وفي اجتماع طارئ واستثنائي رفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة بأعلى نسبة في تاريخه بواقع 600 نقطة أساس، ليرتفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي ليصل إلى 27.25% و28.25% و27.75%، على الترتيب.
السيطرة على سوق الدولار
وقال مدبولي في مؤتمر صحفي، اليوم، إنه بسبب أزمة الدولار وتوافر العملة الصعبة تكونت شبكات معقدة من التجارة والتي يطلق عليها السوق السوداء أو السوق الموازية للسيطرة على تحويلات المصريين من الخارج.
وأكد أنه لا يوجد دولة تسمح بهذا التعامل وأن الهدف الفترة المقبل أن توجد سوق موحدة للعملة من خلال البنوك المصرية القنوات الرسمية والشرعية في الدولة هي التي تعمل على تدبير العملة أو للمصريين الموجود لديهم عملة ويريدون تحويلها للجنيه المصري.
وأكد رئيس الوزراء مرة أخرى التوجيه الذي أصدره لوزارة الداخلية والقنوات الأمنية للضرب بيد من حديد على منظومة السوق السوداء والمنظومة غير الرسمية التي كانت موجودة لتحويلات المصريين بالخارج وباقي المعاملات غير الرسمية، واصفا إياها “بأنها حرب لضمان وإعادة التوازن مرة أخرى للاقتصاد المصري والذي تأثر بصورة سلبية بسبب سوق العملة كان خلق حالة من اليأس والإحباط لدى المواطنين”.
سيولة النقد الأجنبي
وقال البنك المركزي المصري في بيان أمس الأربعاء: “استعداداً لتنفيذ إجراءات برنامج الإصلاح، جرى توفير التمويل اللازم لدعم سيولة النقد الأجنبي، ومن المرتقب أن يؤدي القضاء على السوق الموازية للصرف الأجنبي إلى خفض التوقعات التضخمية وكبح جماح التضخم”.
وأكد البنك على أهمية التنسيق بين السياسات المالية والنقدية للحد من أثر التداعيات الخارجية على الاقتصاد المحلي، الأمر الذي يضع الاقتصاد المصري على مسار مستدام للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وضمان استدامة الدين والعمل على بناء الاحتياطيات الدولية.
اتفاق الصندوق
وأعلن رئيس الوزراء المصري أمس توقيع اتفاق تمويلي بين مصر وصندوق النقد الدولي، بعد ساعات من الإعلان عن رفع سعر الفائدة والسماح لسعر الجنيه بالتحرك تبعًا لآليات السوق.
ووفقًا للاتفاق سيتم زيادة البرنامج (من 3 مليارات) إلى 8 مليارات دولار وستتمكن مصر من الحصول على نحو 1.2 مليار دولار إضافية من صندوق الاستدامة البيئية”.
صفقات جديدة
وأكد مدبولي حرص الحكومة على توفير سيولة كبيرة للدولة المصرية، وذلك من خلال الإجراءات التي تمت بين الحكومة والبنك المركزي أمس، وأعلن عنها محافظ البنك المركزي، منوها بأن الدولة المصرية لديها الاطمئنان والثقة لتدبير العملة الحرة المطلوبة لدفع عجلة الاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة.
وأضاف رئيس الحكومة أن تعظيم الاستفادة من أصول الدولة مستمر وأن الدولة منفتحة وتخطط لصفقات كبيرة خلال الفترة القادمة من أجل تدبير السيولة المادية التي تضمن بصورة نهائية القضاء على الأزمة الخانقة المتعلقة بالعملة الصعبة، وضمان توافر هذه العملات من خلال الاستثمار والتصرف في الأصول وحسن استغلال الأصول المملوكة للدولة.
وأشار إلى أن الاستثمارات الضخمة والاتفاق مع صندوق النقد الدولي بإجمالي 9.2 مليار، فضلا عن صفقة “رأس الحكمة” بـ35 مليارا، تضمن أن عددا من شركاء التنمية الآخرين مثل البنك الدولي والاتحاد الأوروبي ومؤسسات دولية أخرى، سيضعون أموالا لمساعدة ودعم مصر خلال الفترة القليلة المقبلة.
التعويم الرابع
وتعد الموجة الحالية هي الرابعة التي يتم خلالها تحرير أسعار الصرف عقب قرار مارس 2022 الذي أسفر عن ارتفاع سعر الصرف من 15.77 جنيه للدولار إلى المستويات الحالية.
وظل سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري مستقرًا في تعاملات البنك المركزي والبنوك الرسمية قرب مستويات 31 جنيها للدولار، وذلك لأكثر من عام منذ تحرير أسعار الصرف الأخيرة في يناير الماضي 2023، بيد أن الجنيه في تعاملات السوق السوداء بلغ مستويات قرب الـ 70 جنيها للدولار.
وقبل تحريك أسعار الصرف أمس الأربعاء، وإجمالًا منذ أعلن المركزي المصري صباح يوم 21 مارس 2022 في اجتماع طارئ عن تحرير أسعار الصرف واتباع سياسة أسعار صرف مرنة، هبط الجنيه المصري بنسبة 96%.