شهد الجنيه المصري ارتفاعاً كبيراً مقابل الدولار الأميركي في السوق الموازية المحلية، في خطوة قد تساعد في تهيئة الساحة للخفض المقبل في عملة البلد الذي يواجه أزمة سيولة، وهو إجراء طال انتظاره، حسبما نقلت اقتصاد الشرق.
تُتداول العملة الخضراء مقابل أقل من 60 جنيهاً في السوق الموازية منذ أمس الأحد، بعدما وصلت إلى مستويات قياسية تجاوزت 70 جنيهاً للدولار في الأسبوع الماضي، وفق المتعاملين. وجاء الانخفاض بعد إجراءات صارمة طال انتظارها فرضتها السلطات على السوق الموازية، وانتشار شائعات على وسائل التواصل بشأن استثمار خليجي كبير بالدولة الواقعة في شمال أفريقيا.
لا يزال سعر الصرف أعلى بكثير من السعر الرسمي، الذي استقر قرب 30.9 جنيهاً مقابل الدولار الأميركي خلال العام الماضي، ما يؤكد الشح الحاد في العملة الأجنبية الذي تعانيه مصر.
خفضت مصر، الدولة الأكثر سكاناً في الشرق الأوسط، قيمة عملتها 3 مرات منذ مطلع 2022، وُيتوقع على نطاق واسع تخفيض قيمة الجنيه مرة أخرى خلال الربع الأول من العام الجاري.
تخوض السلطات محادثات مع صندوق النقد الدولي حول زيادة قيمة قرض، قد يضم شركاء آخرين، ويوفر تمويلاً بنحو 10 مليارات دولار. لكن الاتفاق يتوقف على تخفيف مصر سيطرتها على سعر الصرف.
قد يسبب خفض آخر لقيمة العملة المصرية ارتفاعاً في معدل التضخم، الذي بدأ التراجع في الآونة الأخيرة فحسب، بعد ارتفاعه إلى مستوى قياسي عند 38% في العام الماضي.
وقد أثار الملياردير المصري نجيب ساويرس الجدل في الأسبوع الماضي، عندما اقترح أن تواكب السلطات السعر المتصاعد في السوق الموازية.
قالت وزارة الداخلية إنها استهدفت وألقت القبض على متورطين في جمع العملات الأجنبية وتجارتها بشكل مخالف للقانون خلال الأيام الماضية. وقال عدد من المتعاملين لـ”بلومبرغ” إنهم أوقفوا نشاطهم مؤقتاً.
في أواخر الأسبوع الماضي، انتشرت شائعات على مجموعات الدردشة على تطبيق “واتس آب” في مصر، وعلى منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، حول مشاركة مستثمرين من الإمارات في صفقة بمليارات الدولارات تتعلق بموقع على ساحل مصر المُطل على البحر المتوسط. فيما نقل موقع “كايرو 24” الإخباري المحلي عن “مصادر رسمية” نفي إبرام أي اتفاقيات مع رجال أعمال إماراتيين في هذا الوقت.
يقلّص المتعاملون أيضاً رهاناتهم على خفض قيمة الجنيه المصري. وفي سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، تراجعت عقود الجنيه لأجل 12 شهراً إلى أقل من 57 جنيهاً للدولار، بعد بلوغها مستوى قياسياً قرب 67 جنيهاً للدولار في نهاية يناير الماضي.
قال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي ببنك “غولدمان ساكس”، إن “الاستراتيجية المفضلة للسلطات هي السيطرة على السعر في السوق الموازية قبل توحيد سعر الصرف. ويعني ذلك خفض الطلب على الدولار من خلال تشديد السياسة النقدية وزيادة المعروض عبر الاقتراض الخارجي”.
وتوقع سوسة أن يبلغ إجمالي احتياجات مصر التمويلية خلال 4 سنوات ما يقارب 25 مليار دولار، في ظل توقع إبرام اتفاق جديد مع صندوق النقد خلال الأسابيع المقبلة والنجاح في تنفيذه.
كما سيؤدي استمرار التدفقات الداخلة من العملة الأجنبية دوراً جوهرياً إذا سعت مصر إلى التغلب على الأزمة في المدى الطويل.
واختتم حديثه قائلاً: “عندما يكون سعر الصرف في السوق الموازية عند مستوى أكثر منطقية، يصبح توحيد سعر العملة عبر خفض القيمة إجراء أكثر سهولة”.