ينذر الانقلاب العسكري الذي وقع في النيجر، أواخر يوليو الماضي، بجملة من التحولات في البلد الأفريقي الذي يعاني أصلا من التدهور الأمني وضعف شديد على مستوى التنمية.
وتصر الدول الكبرى على شرعية الرئيس المعزول، محمد بازوم، الذي أطيح به في انقلاب قاده الحرس الرئاسي في الدولة الواقعة بمنطقة الساحل.
وطالما جرى النظر إلى محمد بازوم البالغ 63 عاما، بمثابة الرئيس المنتخب ديمقراطيا والقريب إلى المنظومة الغربية، لا سيما فرنسا التي يقال إنها فقدت آخر حلفائها في المنطقة.
وفي أحدث التبعات، جرى الإعلان عن تعليق المساعدات المباشرة المقدمة من كندا إلى النيجر، في حين يعتمد هذا البلد بشكل كبير على المعونات الدولية.
وفي المنحى نفسه، كان وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، قد أعلن تعليق بعض المساعدات المخصصة للنيجر، بينما حرصت عدة دول غربية على إجلاء دبلوماسييها، في ظل تردي الأوضاع.
وكانت الولايات المتحدة قد حددت في وقت سابق، المساعدات المرتقب تقديمها للنيجر خلال العام الجاري، في مبلغ قدره 233 مليون دولار، لكن الانقلاب أحدث واقعا جديدا.
ومن شأن إلغاء هذه المساعدات أن يؤثر بشدة على البلد الذي يعاني اقتصاديا، ولم يتجاوز ناتجه المحلي 13.9 مليار دولار سنة 2022.
وتعد النيجر ثالث أسوأ دول العالم أداء في مؤشر التنمية البشرية، بسبب نقص مريع في خدمات الصحة والبنية التحتية والتعليم، وهو ما يجعل ملايين الأشخاص يحتاجون لمساعدات إنسانية، بحسب منظمة الأمم المتحدة.
في غضون ذلك، كانت الأمم المتحدة قد أعلنت استمرار تقديم المساعدات للنيجر، رغم التحولات السياسية الأخيرة، حتى لا يتضرر المدنيون.
وجهتا نظر بشأن المساعدات
ويرى متابعون أن انقطاع المساعدات الدولية سيزيد الطين بلة في هذا البلد الأفريقي، في حين أن روسيا التي يجري الرهان عليها وسط المؤيدين للانقلاب، قد لا تسد الفراغ الناجم عن انصراف الغرب.
وإزاء مسألة المساعدات، يسري رأيان اثنان؛ أولهما يقول إن قطع المساعدات ضربة قوية فعلا، ويشير في ذلك إلى ما حصل في دولة مثل أفغانستان بعد انسحاب الجيش الأمريكي ورحيل البعثات الدبلوماسية الأجنبية.
وتبعا لذلك، أصبحت البلاد محرومة من معونات كثيرة كانت تحصل عليها، لكنها أضحت ممنوعة في ظل وجود نظام سياسي لا يحظى باعتراف دولي ممثلا في حركة طالبان.
وعلى المنوال نفسه، قد يكون وجود نظام عسكري غير معترف به في النيجر، حجر عثرة أمام النيجر التي تحتاج إلى المساعدات بشكل ملح.
وفي المقابل، ثمة من يبدي رفضا لـ”المساعدات المشروطة”، وسط حديث عن استفادة الدول الحليفة تقليديا مثل فرنسا من مزايا وثروات مثل اليورانيوم، في حين أن التحرر من سطوة “التحالفات القديمة” قد يفتح مستقبلا أفضل لبلدان إفريقيا.
لكن العقوبات المفروضة على النيجر حتى الآن ليست من الغرب فقط، بل هناك إجراءات معلنة ضد نيامي من الجوار نفسه، حيث أُعلنت عقوبات من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.