أكد وزير الموارد المائية والري الدكتور هاني سويلم أهمية تصحيح بعض المفاهيم حول ترشيد استهلاك المياه، حيث إن المياه هي أساس الحياة، والحفاظ عليها مسئولية دينية ووطنية ومجتمعية ضمن مبادرة “صحح مفاهيمك”، والتي تهدف لتصحيح بعض الممارسات الخاطئة في التعامل مع المياه، ونشر الوعي بأهمية ترشيد الاستهلاك في المنازل والأراضي الزراعية والمناطق الصناعية، بجانب التوعية ونشر ثقافة الحفاظ على المياه عبر المدارس والمساجد و وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن ترشيد استهلاك المياه يبدأ بخطوات صغيرة لكنه يصنع فارقا كبيرا في الحفاظ على حاضرنا ومستقبل أجيالنا.
جاء ذلك خلال مشاركة وزير الري في فعاليات ندوة نظمتها محافظة الإسماعيلية، والتي استعرض خلالها الوزير جهود الوزارة في تحقيق الأمن المائي المصري، بحضور محافظ الإسماعيلية أكرم جلال.
وقدم الوزير عرضا بعنوان “جهود الوزارة في تحقيق الأمن المائي”، موضحا رؤية مصر لمواجهة التحديات المائية، وذلك من خلال رؤية متكاملة ترتكز على محاور الجيل الثاني لمنظومة الري المصرية (2.0).
وقال الدكتور سويلم إن هذه المحاور تشتمل على التوسع في معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي عبر مشروعات كبرى مثل الدلتا الجديدة وبحر البقر والمحسمة، بالإضافة إلى التوجه نحو التحلية للإنتاج الكثيف للغذاء كأحد الحلول المستقبلية لمواجهة تحديات المياه والمساهمة في تحقيق الأمن الغذائي، فضلا عن الإدارة الذكية للمياه بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، ومركز التنبؤ بالأمطار التابع للوزارة، وتحديد التركيب المحصولى بإستخدام صور الأقمار الصناعية، واستخدام التصوير بالدرون لمتابعة أعمال التطهيرات والتعديات وتقييم حالة المنشآت المائية، واستخدام الكاميرات في قياس التصرفات المائية، حيث تم إجراء تجربة على ترعة الإسماعيلية بهذا الشأن، واستخدام المنصات الرقمية في مراقبة وتقييم المنظومة المائية، ونمذجة شبكات المياه باستخدام تقنيات التعلّم الآلي، ونمذجة عملية توزيع المياه، والتحول للري الذكي وتحديث نظم الري، وحوكمة إدارة المياه الجوفية، ومراقبة نوعية المياه، مؤكدا على ضرورة استخدام التقنيات الحديثة المناسبة للمزارع المصري.
وأضاف أن المحاور تشمل أيضا، التحول الرقمي من خلال رقمنة بيانات الترع والمصارف والمساقى والمنشآت المائية، وإنشاء قواعد بيانات وتطبيقات رقمية لخدمة المزارعين، حيث تم تصميم 27 تطبيقا متنوعا، منها تطبيق لمناوبات الري لتعريف المزارعين بمواعيد المناوبات بالترع، إضافة إلى تأهيل المنشآت المائية والترع، مع دراسة استخدام المواد الصديقة للبيئة في تأهيلها، وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي، والعمل في مشروع تأهيل وإحلال المنشآت المائية، وتنفيذ مشروعات إحلال وتأهيل وصيانة المنشآت المائية الكبرى مثل قناطر ديروط، وتنفيذ مصبات نهاية للترع.
وتابع أن المحاور تضم أيضا التكيف مع تغير المناخ، من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى لحماية الشواطئ المصرية في الإسكندرية ودمياط ومطروح وحائط رشيد وغيرها من المواقع التي تتم حمايتها بالطرق التقليدية، وتنفيذ مشروع “تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية بالساحل الشمالي ودلتا نهر النيل” اعتمادا على مواد طبيعية صديقة للبيئة، وتنفيذ 1648 منشأ للحماية من أخطار السيول بمختلف المحافظات المعرضة للسيول (شمال وجنوب سيناء – البحر الأحمر – مطروح – الوجه القبلي)، وتنفيذ اعمال عديدة لتأهيل وصيانة محطات الرفع بمختلف المحافظات، والتي تسهم في الحفاظ على المناسيب الآمنة بالترع والمصارف في حالات النوات والأمطار الغزيرة، بالإضافة إلى التوسع في الاعتماد على الطاقة الشمسية بديلا عن الديزل في رفع المياه، بما ينعكس على تقليل الانبعاثات الكربونية.
وأوضح الوزير أن محاور الجيل الثاني لمنظومة الري تتضمن، الحوكمة، والتي تعتمد على ثلاثة عناصر هي: المشاركة في صناعة القرار، محاربة الفساد، وتعديل التشريعات، وذلك من خلال تعزيز مشاركة المزارعين في إدارة المنظومة المائية بالتعاون مع أجهزة وزارة الري، والتوسع في تشكيل روابط مستخدمي المياه وتعزيز التواصل مع المنتفعين، بالإضافة إلى تعزيز الاعتماد على الرقمنة في أعمال الوزارة مثل: رقمنة التراخيص، وإعداد التطبيقات الرقمية، لمتابعة مشروعات وأعمال الوزارة بالشكل الذي يُسهم في مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، إلى جانب التطوير التشريعي، بما يُسهم في الحفاظ على المياه وحمايتها من التعديات، مثل تشديد العقوبات فيما يخص التعامل مع المياه الجوفية.
وأشار إلى محور ضبط النيل، وهو المعني باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات لإزالة كافة أشكال التعديات على مجرى نهر النيل، واستخدام التكنولوجيا الحديثة والتصوير بالدرون لعمل رفع مساحي لجسور نهر النيل بما يمكن من تحديد مواقع التعديات بدقة وتحديد حدود المنطقتين المحظورة والمقيدة على جانبي النهر، مع متابعة التزام الأفراد والمستثمرين بالاشتراطات الصادرة عن الوزارة فيما يخص الأعمال التي يتم تنفيذها على جانبي نهر النيل، وتنفيذ أعمال التطوير لأي كورنيش أو ممشى طبقا للنماذج التي وضعتها وزارة الموارد المائية والري بدون التأثير سلبا على القطاع المائي لنهر النيل.
ولفت سويلم إلى محور تطوير الموارد البشرية والعمل على سد الفجوات الموجودة في بعض الوظائف، خاصة من المهندسين والفنيين، والتدريب وبناء قدرات العاملين بالوزارة، وتقديم دورات تدريبية في مجالات مبتكرة وخلاقة مثل الإستفادة من نبات ورد النيل بعد تجفيفه بطرق صديقة للبيئة باستخدامه في تصنيع منتجات يدوية، فضلا عن التوعية سواء من خلال إدارات التوجيه المائي التي تتواصل مع المزارعين، أو من خلال الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وإطلاق حملة توعوية تحت عنوان (على القد) لتوعية المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها، أو من خلال الندوات التوعوية التي تعتمد على طرق مبتكرة في الشرح تناسب الفئات العمرية المختلفة.
كما استعرض وزير الري محور العمل الخارجي، مؤكدا أن مصر قادت مسارا ناجحا من العمل لرفع مكانة المياه ووضعها على رأس أجندة العمل المناخي العالمي، من خلال أسابيع القاهرة للمياه ومؤتمرات المناخ ومؤتمر الأمم المتحدة للمياه والمنتدى العالمي العاشر للمياه، بخلاف المجهودات المصرية البارزة لخدمة القارة الأفريقية خلال رئاسة مصر لمجلس وزراء المياه الأفارقة (أمكاو)، بالإضافة لقيام مصر بإطلاق مبادرة (AWARe) والمعنية بخدمة الدول الأفريقية في مجال المياه والتكيف مع تغير المناخ.
ومن جهته، أكد محافظ الإسماعيلية أن الدولة أولت اهتماماً بالغاً بملف المياه من خلال التوسع في تنفيذ مشروعات قومية كبرى تستهدف ترشيد استخدام الموارد المائية وتعظيم الاستفادة منها، والتوسع في معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعي.. مشيرا إلى أن ملف المياه يعد أحد أهم ملفات الأمن القومي المصري، فالمياه ليست مجرد مورد طبيعي، وإنما هي حياة وتنمية واستقرار.
وقال محافظ الإسماعيلية – في كلمته – إن هذه الندوة المهمة تأتي في إطار جهود الدولة المصرية، تحت قيادة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، لتحقيق الأمن المائي باعتباره أحد أهم ركائز الأمن القومي وتعزيز استراتيجية الدولة نحو مستقبل آمن مائيا، يعكس رؤية مصر للتنمية المستدامة 2030.. لافتا إلى حضور كوكبة من الشخصيات العامة والمؤثرة بمحافظة الإسماعيلية تضم أساتذة وعمداء كليات العلوم والزراعة بجامعة قناة السويس، ورؤساء النقابات بالمحافظة، وممثلي الأوقاف، والأزهر الشريف، والكنيسة، وشركة مياه الشرب والصرف الصحي، والقيادات التنفيذية بالمحافظة، وكافة أطياف المجتمع، تأتي حرصا وتأكيدا على تحقيق الاستفادة المرجوة للجميع.
وأضاف أن محافظة الإسماعيلية كان لها نصيب كبير من المشروعات المائية، حيث تم تنفيذ أعمال تطهير الترع الرئيسية والفرعية مثل ترعة الإسماعيلية والسويس وتأهيل الترع والمنشآت المائية وإحلال وتجديد شبكات الصرف المغطى، وتنفيذ مشروع محطة المحسمة لمعالجة مياه الصرف الزراعي، بما يحقق الاستدامة ويخدم قطاع الزراعة الذي يمثل عصب التنمية فى المحافظة.
وفي ختام كلمته، توجه محافظ الإسماعيلية أكرم جلال بالشكر والتقدير لوزير الري على ما يبذله من جهود متواصلة لتعزيز قدرات الدولة المصرية في إدارة الموراد المائية.