مركز «الملاذ الآمن »الفضة تتراجع 11% أسبوعيًا بعد صعود تاريخي.. وضبابية الفيدرالي تضغط على الأسواق
تراجعت أسعار الفضة في الأسواق المحلية والعالمية خلال تعاملات الأسبوع الماضي بنحو 11%، متأثرةً بارتفاع الدولار الأمريكي وترقّب المستثمرين لتوجهات السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، وفق تقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن ».
هبوط محلي حاد بعد مكاسب قياسية
أوضح التقرير أن جرام الفضة عيار 800 انخفض من 74 إلى 66 جنيهًا، بينما سجل عيار 925 نحو 76 جنيهًا، وبلغ عيار 999 حوالي 82 جنيهًا، في حين استقر جنيه الفضة عند 608 جنيهات.
وعالميًا، تراجعت الأوقية إلى مستوى 48 دولارًا بعد أن كانت قد قفزت منتصف أكتوبر إلى 55 دولارًا، وهو أعلى سعر منذ أربعة عقود.
ورغم التراجع الأسبوعي، سجلت الفضة ارتفاعًا شهريًا قدره 3% خلال أكتوبر، بعد مكاسب قوية دفعت المعدن الأبيض إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، مدعومةً بزيادة الطلب على الملاذات الآمنة وسط تصاعد الضبابية الاقتصادية والجيوسياسية.
وذكر التقرير أن جرام الفضة بدأ تعاملات أكتوبر عند 66 جنيهًا، ولامس 85 جنيهًا كأعلى مستوى، قبل أن يُغلق عند 68 جنيهًا، بينما أنهت الأوقية الشهر عند 48 دولارًا بانخفاض 13% عن ذروتها.
سياسة الفيدرالي تُبقي الأسواق في حالة ترقّب
أثّرت التصريحات الحذرة لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بعد اجتماعه الأخير على شهية المخاطرة في الأسواق، بعدما أشار إلى أن خفض الفائدة مجددًا في ديسمبر «ليس أمرًا محسومًا»، مؤكدًا ارتباط القرارات بالبيانات الاقتصادية.
ووفق أداة CME FedWatch، انخفضت توقعات خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس من 90% إلى 67%، ما ضغط على أسعار المعادن الثمينة، خاصة الذهب والفضة.
وعلى الجانب الجيوسياسي، خفّف الاتفاق التجاري بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ — خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ (APEC) — من حدّة التوترات بين البلدين.
وتضمّن الاتفاق هدنة تمتد حتى نوفمبر 2026، تشمل خفض الرسوم الجمركية الأمريكية على منتجات الفنتانيل إلى النصف، مقابل رفع الصين رسومها على السلع الزراعية الأمريكية وتأجيل قيود تصدير المعادن النادرة، ما أدى إلى تراجع الإقبال على الفضة كملاذ آمن.
تصحيح مؤقت وتحول في مراكز التسعير
يرى التقرير أن التصحيح الأخير في أسعار الذهب والفضة كان مضاربيًا ومؤقتًا، خاصة أن حيازات صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) لم تتأثر، ما يعكس استمرار الطلب المادي الحقيقي.
وأشار إلى أن الطلب المؤسسي والبنكي المركزي ظل قويًا، بالتوازي مع تحوّل مراكز التسعير تدريجيًا من بورصتي كومكس ولندن إلى الأسواق الآسيوية، خصوصًا بورصة شنغهاي للذهب التي تتيح تحويل اليوان إلى ذهب بنسبة 1:1.
ويرى المركز أن هذا التحول يُضعف هيمنة الدولار على تسعير المعادن الثمينة ويعزز من دور الذهب والفضة في إعادة تشكيل النظام النقدي العالمي، في وقت تواجه فيه وزارة الخزانة الأمريكية والفيدرالي قيودًا متزايدة في إدارة التزامات المشتقات المالية وسط تراجع الاحتياطيات الفعلية من الذهب.
عوامل دعم أساسية للفضة
رغم التصحيحات الأخيرة، يؤكد التقرير أن الفضة لا تزال تحتفظ بجاذبيتها مدعومةً بعاملين رئيسيين:
أولاً: جاذبية الملاذ الآمن، حيث يغذي التوتر الجيوسياسي وعدم اليقين الاقتصادي الطلب على المعدن الأبيض كأصل تحوطي موازٍ للذهب.
ثانيًا: الطلب الصناعي المتنامي، إذ تُستخدم الفضة على نطاق واسع في ألواح الطاقة الشمسية والإلكترونيات والسيارات الكهربائية، ما يشكل نحو 16% من إجمالي الطلب العالمي ويضع قاعدة صلبة للأسعار على المدى الطويل، خاصة في ظل شح الإمدادات من المناجم.
توقعات الأسعار المستقبلية
تُظهر مؤشرات الأسواق أن الذهب والفضة في موقع قوي لاستعادة الزخم الصاعد قبل نهاية العام، مدعومين بالطلب الحقيقي من البنوك المركزية والمستثمرين المؤسسيين، إلى جانب الاتجاه العالمي المتزايد نحو فك الارتباط بالدولار في التجارة الدولية.
ويتوقع البنك الدولي أن يبلغ متوسط أسعار الفضة 41 دولارًا للأونصة في 2026، بزيادة قدرها 7.9% عن المستويات الحالية، قبل أن تتراجع تدريجيًا إلى 37 دولارًا في 2027.
كما يرجح أن ترتفع أسعار الذهب بنحو 42% خلال 2025، مشيرًا إلى تشابه الدورة الحالية مع موجة 1979–1980 التي شهدت تضاعف الأسعار وسط ضعف الدولار وصدمات النفط والتوترات الجيوسياسية.
ويرى محللون أن أي تصعيد جيوسياسي جديد أو اضطرابات مالية مفاجئة قد يدفع أسعار الذهب والفضة إلى تجاوز التوقعات الحالية، بينما قد يؤدي تشديد السياسات النقدية أو تراجع التوترات الدولية إلى كبح الزخم الصعودي مؤقتًا.
رغم خسائر الأسبوع، تظل الفضة رابحة أكثر من 50% منذ بداية العام، في دورة صعودية مدفوعة بالطلب الصناعي والاحتياطي العالمي المحدود.
ويشير تحليل “الملاذ الآمن” إلى أن الأوقية مرشحة لاستهداف مستوى 53.30 دولارًا خلال 12 شهرًا، مع إمكانية التوجه نحو 60 دولارًا على المدى الطويل إذا استمرت الظروف الحالية، ما يجعل الفضة — إلى جانب الذهب — أحد أبرز الأصول الاستراتيجية في إعادة تشكيل الخريطة النقدية العالمية.

