قال الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم إن الشرع الشريف أكَّد على احترام الجار والإحسان إليه، وبيَّن أن للإنسان حقوقًا على جاره، فلا يؤذيه ولا يضره، وهذه الحقوق والواجبات ليست مخصوصة بالمسلم فقط، بل تتعدَّى إلى غير المسلم، وقد نظَّم الإسلام تعامل الجار مع جاره فى جوانب متعددة، ولنا فى رسول الله أسوة حسنة، فقد كان يتعامل برقيٍّ وإحسان وحكمة ورحمة مع جيرانه.
وأضاف مفتى الجمهورية، فى تصريح، اليوم الجمعة، أن الجوار والجيرة لا تقتصر على الجيرة المكانية، بل تشمل كل جيرة بدنية مع الآخرين فى أى مكان يكون فيه الإنسان، مستعرضا العديد من النماذج التى رسخها الرسول الكريم فى حسن تعامل الجار كعدم رد الإساءة بالإساءة، وكذلك تفقُّد أحوال الجيران والسؤال عنهم والرفق بهم بغضِّ النظر عن دينهم أو عِرقهم أو لونهم، وكذلك عدم تعمُّد تصدير الأذى والإساءة لهم، أو حرمانهم من حقوقهم أو مضايقتهم.
وأشار إلى جواز ومشروعية إطعام الجار المسيحى الطعامَ وقَبول الطعام منه، بل يجوز إفطار الصائم عنده؛ فكل هذا داخل فى البر والتراحم والإحسان.
وأوضح أن المتتبع لرحمة النبى- صلى الله عليه وسلم- بالمخلوقات من بشر وحيوانات وجمادات سيجد علاقته بجيرانه على هذا النحو أو أكثر، فقد كانت رحمته عامة؛ قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ﴾ [آل عمران: 159].
وتابع: أن هناك العديد من مواقف الرحمة والمحبة للنبى- صلى الله عليه وآله وسلم- منها أنه عاتب صاحب جمل على تحميله ما لا يُطيق بعدما اشتكى الجملُ للنبى- صلى الله عليه وسلم- بل أخذ تعهُّدًا من هذا الرجل على ألا يفعل ذلك مرة أخرى.
وأردف: “حتى الجمادات كانت تحنُّ إلى النبى- صلى الله عليه وآله وسلم- فقد كان له عليه الصلاة والسلام جذع منصوب فى المسجد يستند إليه وهو يخطب الناس، وعندما صنع له الصحابة منبرًا من ثلاث درجات، حزن ذلك الجزع، وأصبح له أنين مسموع، فنزل إليه رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- من المنبر واحتضنه وهو يئنُّ حتى سكن، ثم قال: “أما والذى نفس محمد بيده لو لم ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة”.
ولفت مفتى الجمهورية النظر إلى أن الإسلام أوصى بالجار فى مواطن عديدة من القرآن والسنة؛ منها قوله تعالى: ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِى الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: 36]، ومنها قول النبى- صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِى بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» متفق عليه.
واختتم الدكتور شوقى علام تصريحات بالردِّ على سؤال عن حكم تقبيل يد الصالحين ومصافحتها احترامًا وتبركًا؛ فقال: هذا من الأخلاق الحميدة، ومن مظاهر الاحترام والتبجيل، وقد تميزنا بها كمصريين وهى تُظهر الاحترام ولا تعنى شيئًا آخر كما نظهر الاحترام لوالدينا.