وكرر الفريق الباريسي ما فعله في 2017 أمام برشلونة، حينما فاز ذهاباً في باريس 4-0 لكن انقلب به الحال في كامب نو ليخسر 1-6 ويودع البطولة بعد “ريمونتادا تاريخية” للفريق الكتالوني، لكنه على الأقل في ذلك التوقيت كان يفتقد للقيادة، التي دفع الكثير من المال والجهد لجلبها، ليضم الآن العديد من النجوم من العيار الثقيل في صفوفه وفي مقدمتهم الثلاثي الهجومي: ليونيل ميسي ونيمار وكيليان مبابي.
ويظهر إقصاء بي إس جي مجددا من الدور ثمن النهائي لدوري الأبطال أن الإدارة القطرية للنادي لم تؤت ثمارها بعد في الميدان الأوروبي، ويترك هذا الخروج الباب مفتوحا أمام حالة من الفوضى داخل الفريق، خاصة في ظل وجود مدرب ينال مزيدا من الانتقادات وارتفعت الأصوات ضده للرحيل، وهو الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو، الذي لم ينجح في إعطاء الدفعة اللازمة لفريق يضم هذا الكم من الأسماء، وفي حضور مبابي الذي تعهد بمواصلة عطاءه للفريق، رغم أنه يخوض آخر مواسمه معه ويعاني من ضغط إدارته للتجديد، والذي سيتعين عليه ايضا أن يدرس مستقبله وما إذا كان يستحق الاستمرار في فريق بدون روح أم يقرر تغيير الوجهة.
فالفشل أصبح مدوياً، في فريق مدعم بانضمام النجم الأرجنتيني المخضرم ليونيل ميسي صاحب الكرات الذهبية السبع وكذلك القائد السابق لريال مدريد والغائب عن معظم الموسم للإصابات، سرجيو راموس، الذي لا يشكك أحد في شخصيته القوية وشغفه بالألقاب، لكن الفريق الفرنسي رغم ذلك تعثر في نفس الحجر: انعدام روح الانتصارات.
ويمتلك باريس سان جيرمان فقط عزاء كونه كان قريبا من التأهل لربع النهائي، وتفوقه مهاريا ومن ناحية الخطورة على مرمى مدريد في مواجهتي ثمن النهائي، وأنه كان يستحق حظاً أفضل، لكن هذا لا يخفى أن الفريق الفرنسي تلاشى عندما وضعه القدر أمام تحد بهذا الحجم أمام فريق يملؤه التاريخ بحجم ريال مدريد، المتوج بـ13 لقبا للتشامبيونز ليغ.
وستتجه الأنظار فوراً إلى الدكة، فالمدرب بوكيتينو، الذي أصبح موضع تساؤل كبير حتى الآن وقد تتم الإطاحة به في نهاية الأمر، سيتعين عليه أن يجد كلمات لشرح قراراته.
وبالأخص ستنهال الاستفسارات عليه بخصوص أمرين: حراسة المرمى والتغييرات، فالمدير الفني الأرجنتيني راهن على دوناروما لحراسة عرين باريس، بدلاً من الدفع بصاحب الخبرات العريضة، الكوستاريكي كيلور نافاس، المستاء من استبعاده من التشكيل الأساسي مع عدم اعتراضه، الرغم من الأداء الجيد الذي يقدمه.
فالحارس الكوستاريكي، الذي التزم الصمت حتى الآن في شكواه، بدأ في رفع صوته خلال الأسابيع الأخيرة، خاصة مع أخطاء دوناروما، الذي كان السبب الرئيسي في هدف بنزيما الأول، والذي منح قبلة الحياة لريال مدريد في المباراة، خاصة وأنه كان يعاني قبلها من الضغط الباريسي واستحواذ الضيوف على الكرة في دائرة المنتصف.
وبعد الهدف انتقلت علامات التوتر التي سيطرت على دوناروما على خط دفاع الفريق الباريسي، ليهتز بشكل لافت وتزداد اخطاؤه ما سمح لبنزيمة بإنهاء المهمة بسهولة بتسجيله لهدفين آخرين ثمينين أنهى بهما على آمال بي إس جي في التأهل.
وبعد إدراك الريال للتعادل، استمر عناد بوكيتينو بامتناعه عن إجراء تغييرات، رغم أن فريقه انقسم لشطرين، مع وجود نيمار التائه في الميدان، والذي كان قد تخطى إصابة أبعدته لشهرين ونصف عن الملاعب، وكان خارج إيقاعه بشكل واضح، إلا أن المدرب أصر على الإبقاء عليه.
ميسي أيضاً لم يستطع المدرب المساس به، رغم حقيقة أنه قارب الـ35 عاما، وكان بالكاد يساهم في الضغط على الفريق “الملكي”، وهي النقطة التي كان بي إس جي في أمس الحاجة إليها أمام الدفعة الحماسية العملاقة لريال مدريد.
فالمدرب لم يكن قادرا على غرس القوة في فريقه وهو ما سيتعين محاسبته عليه.
ورغم أنه المرشح الأوفر للفوز بالليغ آ، خاصة في ظل احتلاله لصدارة جدول الدوري الفرنسي، لكن هذا اللقب لكن يكون كافيا لملاك النادي القطريين للإبقاء عليه، بعد هذا الانهيار في البرنابيو، بعد تحطم الحلم الأبدي مجدداً بالفوز بدوري الأبطال.
وقد يدفع بوكيتينو نفس الثمن الذي دفعه أسلافه بعد فشلهم الأوروبي، مثل لوران بلان، أوناي إيمري وتوماس توخيل، ويرحل بنهاية الموسم، خاصة مع ارتفاع أسهم الفرنسي زين الدين زيدان، مدرب الريال سابقا وقائد التتويج بدوري الأبطال لثلاثة مواسم متتالية، لتولي مسؤولية الفريق الباريسي.
ويزيد من هذا الأمر كون بوكيتينو فشل في استغلال امتلاكه لأفضل خط هجوم في العالم، وإصرار إدارة باريس على عدم الاستغناء عن النجم مبابي هذا الموسم رغم كونه الأخير له في عقده والتضحية بالأموال الضخمة التي كان سيدرها من بيعه الصيف الماضي، أملا في التتويج بالكأس ذات الأذنين، الذي أنهار على أعتاب البرنابيو.
وسيتعين على مبابي، الذي عاد ليثبت أنه الأفضل في فريقه خلال المباراة، كما فعل في الذهاب حينما سجل هدفه الوحيد، أن يفكر مجددا في مستقبله، قبل 3 أشهر على نهاية عقده مع باريس.
فالفريق الفرنسي، الذي لا يحظى بمشروعات ضخمة في المستقبل القريب، سيبدأ في التفكير في حاضره ومستقبله، وكذلك يحتاج مبابي أيضاً لتحديد وجهته القادمة، خاصة في ظل فتح ريال مدريد أبوابه له.
وعلى مبابي، الذي كشف الصيف الماضي أن قلبه كان مع ريال مدريد، والذي نال صافرات الجماهير في البرنابيو خلال الشوط الأول، أن يؤمن بأن الفوز بدوري الأبطال يحتاج لنوع آخر من الروح، روح الفريق والجماهير والتاريخ سوياً.